لا يقاس المولد النبوي على الملتقيات السنوية
من الشبه الجديدة: ما يزعمه بعض الناس من أن الاحتفال بالمولد النبوي جائز مباح ، وأنه بمنزلة إقامة الملتقيات السنوية .
وهذا قياس باطل ، لوجوه عديدة:
الوجه الأول: أن اللقاءات العلمية أو الموسمية ليس الغرض منها تعظيم يوم معين أو شهر معين ، بل المقصود منها: هو ترتيب الوقت المناسب لغرض نشر العلم فقط ، فلهذا يمكنهم تغييره إلى وقت آخر ، بخلاف الاحتفال بالمولد النبوي الذي يراد به تعظيم ذلك اليوم وهو الثاني عشر من ربيع الأول ، فلا يمكنهم تغييره إلى يوم آخر ، فضلا عن تغييره إلى شهر آخر .
فلو قيل لدعاة المولد مثلا: ما رأيكم أن نوحد الرأي على أن نحتفل بالمولد هذه السنة في ربيع ثاني أو في جماد ؛ لرفضوا ذلك ولأنكروه أشد الإنكار .
الوجه الثاني: أن أصحاب المولد النبوي يقصدون تعظيم ذلك الزمان نفسه ، لا أنهم قصدوا مجرد إحياء الكلام على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أو ربط الناس به ، كما يزعم بعضهم ، وهذا بخلاف الملتقيات السنوية ، فإنهم ما أرادوا بها تعظيم الزمان ، بل الزمان عندهم غير مقصود لذاته ، بدليل أنهم يمكنهم أن يغيروه إلى وقت آخر لو أرادوا .
الوجه الثالث: أن الاحتفال بالمولد قد تحقق فيه ضابط العيد ومعناه ، فالعيد: هو الذي يتكرر سنويا ويقصد به الزمان لذاته ، بخلاف الملتقيات السنوية فلم يتحقق فيها ضابط العيد أو معناه كما تقدم .
وهذه الأوجه الثلاثة يدل كل واحد منها على أن مجرد الاحتفال بالمولد بدعة محدثة ، وإن لم يكن معه أي محذور آخر .
الوجه الرابع: أن الملتقيات السنوية العلمية لا تقام فيها بدع أو شيء من الألفاظ أو الأفعال الشركية ، بخلاف الاحتفال بالمولد فإنهم لا يكتفون فيه بمجرد أن يحتفلوا على ذكر السيرة أو الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يقيمون بدعا كثيرة ، بل وعبارات شركية ظاهرة ، كالغلو الفاحش في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أو اعتقاد حضوره أو ما أشبه ذلك .
فإن قيل: أرأيتم لو أقمنا مولدا نبويا نزيها من الألفاظ الشركية أو البدع الصوفية؟
فالجواب: هو ما تقدم في الوجوه الثلاثة الأولى من أن مجرد ذلك الاحتفال بدعة .
ويزاد عليه أيضا أن يقال: إن من يريد إقامة مولد على الوجه (المزعوم) لا يمكن أن يقوم بواجب البيان والتحذير من البدع الأخرى التي يقيمها الصوفية أثناء المولد .
فهو يشارك الصوفية في أصل هذه البدعة ويختلف معهم في الأسلوب فقط!!
والبدعة لا يمكن أن تنكسر بدعة .
واعلم أن هذه الأساليب في التهوين من شأن بدعة الاحتفال بالمولد وتسويغها هذا يتخذه كثير من دعاة الإخوان المسلمون اليوم ، ولا غرو ؛ فإن دعوتهم من جنس دعوة الصوفية ، ولهذا فإن زعيمهم (حسن البناء) كان صوفيا على الطريقة الحصافية ، وكان يحضر الموالد ويدعو إليها وينادي:
هذا الحبيب مع الإخوان قد حضرا
وسامح المل فيما قد مضى وجرى
وهذا هو واقع الإخوان مع الصوفية في المساجد التي تجمعهم .
وإذا عرف السبب بطل العجب
كتبه:
🖋أحمد بادخن
🗓الأربعاء 4 من شهر ربيع الأول 1439ه