الحلقة السادسة عشر
تفقد المسئول الحوثي للرعية في معبر
بعض أصحاب معبر لا يرون عبدربه منصور ولي أمر لأهل اليمن، وربما احتجوا على ذلك بأنه تربية روسيا، وأنه ضيع البلاد، ويرون أن علي عبد الله صالح أولى منه، وإذا سئل بعضهم عن ولاية عبد ربه منصور قالوا: "إنه لم يستتب له الأمر في البلد" كما يقوله أكثر من واحد من طلاب العلم من أتباع محمد الإمام في معبر وخارجها. [1]
ولذلك كثير من هؤلاء يعتبرون أن هذه الحرب هي في الحقيقة حرب علي عبد الله صالح، يريد أن يصفي خصومه القدماء في المعارضة، ويزيح الرئيس الحالي، ثم يعود إلى الحكم. فلا تستغرب بعد ذلك من مواقف أصحاب معبر التي جاءت موافقة لتوسع علي عبد الله صالح وحلفائه.
فمحمد الإمام:
1 ـ وقع على الوثيقة مع الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح، وكان محمد الإمام يتوقع من هذا التوقيع أنه سيوقف كثير من السلفيين عن قتال الحوثيين وحلفائهم حتى خارج معبر. ولذلك أرسل إخوة من معبر إلى بعض الدعاة في بعض المحافظات الجنوبية ليدعوهم إلى إيقاف القتال.
وأنكر محمد الإمام على بعض الإخوة الذين قاتلوا. وقال لبعضهم: "أنتم داخلون معنا في الوثيقة".
2 ـ وبعد أن تمكن الحوثيون وعلي عبد الله صالح من صنعاء، وقبل حصار الرئيس عبدربه منصور بخمسة أيام. [2] أصدر محمد الإمام تسجيلا في خطبة جمعة بعنوان: "عودة النعم بعد زوالها". ذكر محمد الإمام في الخطبة الثانية: أن بعض الناس أصيب باليأس من أن الخير لن يعود لهذه البلاد، ونقول إن الخير ما زال موجودا بحمد الله، قال: ونحن لو نظرنا إلى الأوقات الماضية القريبة، لوجدنا أنه قد حصلت فتن وأمور ثم أصلح الله الحال، وأذهب الله الشر وجاء الخير من الله، فلهذا نقول لا داعي لليأس أبدا.
وضرب محمد الإمام مثالين من الواقع اليمني أحدهما: الجبهة الوطنية، حيث ذكر أنها خربت كثيرا في المناطق الوسطى قتلا وتدميرا، ثم أذهب الله الشر، وصارت المناطق الوسطى آمنة، وعادت أحوالهم إلى خير. والمثال الثاني: أنه لما تمكن الحزب الاشتراكي اليمني من جنوب اليمن صادروا الدين والدنيا، صادروا الأموال، وحاربوا الدين، ثم أخذهم الله وعادت حال إخواننا في الجنوب إلى حالة حسنة في دينهم ودنياهم.
ثم نصح الناس في آخر الخطبة بالصبر والاحتساب والثبات على الدين، والابتعاد عن الفتن.
وليعلم القارئ الكريم أن هذا التفاؤل من محمد الإمام كان قبل حصار الرئيس عبدربه منصور بخمسة أيام فقط.
3 ـ ثم شنع على من قاتل الحوثيين وعلي عبد الله صالح، بحجة أن هذه مؤامرات، لأنه يعلم أن هذا القتال سيضعف خطة الرئيس السابق في استعادة الحكم.
4 ـ ثم هاجم عاصفة الحزم أكثر من مرة، في الدروس والخطب لأنها يعلم أن العاصفة أفسدت على القوم مشروعهم. [3]
5 ـ وحزن محمد الإمام لما انتصرت المقاومة في عدن. لأن المقاومة أذهبت عليهم كل الأحلام.
وبعض الفضلاء ظن أن قول محمد الإمام: "أي انتصار ؟! إلى جهنم" كان سبق لسان من محمد الإمام، وما درى أن وراء الأكمة ما وراءها.
وأنبه القراء إلى أن انتصار المقاومة لم تحزن محمدا الإمام فقط، بل أحزنت كثيرا من من أصحاب معبر، فقد ذكر بعض الإخوة الذي كانوا في معبر أن أصحاب معبر أصابهم الحزن لما انتصرت المقاومة في عدن.
بل يقول هؤلاء الإخوة: "إن بعض أصحاب معبر كان يبشر غيره بدخول الحوثيين مدينة من المدن الجنوبية - عدن أو غيرها -، فيقولون: "اليوم دخلنا مدينة كذا، واليوم دخلنا مدينة كذا". ويعنون بقولهم: "اليوم دخلنا" – بضمير المتكلم - دخول القوات الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق.
ـ وسألوا أحد المقربين جدًا من محمد الإمام – وهو عبد الوهاب أبو خلبة -: "من هو ولي أمر البلاد ؟" فيقول أبو خلبة: "السيد والزعيم". والسيد: هو عبد الملك الحوثي، والزعيم: هو علي عبد الله صالح. أي: أن ولاة الأمور هم عبد الملك الحوثي، وعلي عبد الله صالح.
وتارة يسأل أبو خلبة فيقول: "ولي أمرنا هو السيد".
وأحد تلامذة محمد الإمام في شبوة – واسمه عقلان – يقول في الرئيس عبدربه منصور إنه "خائن". ويقول: "إذا سيطر الحوثيون على البلاد فولايتهم شرعية يجب علينا السمع والطاعة لهم".
ويسمع بعض الإخوة من عبد الرحمن الخارفي – أحد أتباع محمد الإمام – تحاملا على المقاومة التي أخرت الحوثيين وحليفهم من دخول عدن، ويقول: (ما بقي يقاتل إلا قليل من شباب عدن وسيدخل القوم عدن إن شاء الله تعالى).
وكل هذه أخبار ثابتة، ولا أستحل نقل خبر مشكوك فيه عن هؤلاء، فضلًا عن خبر مكذوب.
ويوم أمس زار رئيس اللجنة الثورية الانقلابية ومن معه إلى دار الحديث معبر، فيصف محمد الإمام هؤلاء الخوارج الانقلابيين بأنهم "بعض المسئولين". ويصف زيارته بأنها ضمن زيارتهم لبعض المديريات. أي: زيارة تفقدية كما يفعل المسئولون.
وأنا أسأل محمد الإمام ومن التمس له عذرًا – كالأخ نعمان الوتر – من الذي أعطى محمد علي الحوثي هذا المنصب في الدولة، وأنتم تعرفون أن رئيس الدولة ورئيس وزرائها لا يقرون أي منصب من مناصبهم، لأنها مناصب غير شرعية ولا قانونية ؟! إلا في حالة واحدة وهي الاعتراف بهؤلاء وعدم الاعتراف برئيس الدولة ؟!
أليس ما وقع فيه محمد الإمام - ويقع فيه - نوع من التنازل للقوم ؟!
فالتنازل الحاصل من قبل ومن بعد يدل على أن الذي وقع فيه محمد الإمام نوع من المداهنة، وليست من المداراة، فالفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداهنة: ترك ما يجب لله من الغيرة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتغافل عن ذلك، لغرض دنيوي، وأما المداراة، فهي: درء الشر بالقول اللين، أو الإعراض عن الرجل الشرير إذا خيف من شره.[4]
فهذه الزيارة اشتملت على نوع من الاحترام مما جعل محمد الإمام يستقبلهم كوفد مسئول - على مرأى ومسمع من مئات الطلاب -، ويعترف لهم بأنهم مسئولون من جهة الدولة، ويسمع لكلامهم، ويمتثل لتوجيهاتهم إذا كانت عندهم ملاحظات كما ينقاد اليمني لتوجيهات أي مسئول، في الوقت الذي لا وجه شرعًا ولا قانونًا لمناصبهم المغصوبة، فإذا لم تكن هذه منازعة لولاة الأمور فما أدري ما يقال فيها ؟!
كيف تطيب نفس الإمام لاستقبال هؤلاء بهذه الصورة، في الوقت الذي ملأت جرائمهم اليمن كلها، شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالًا، يقتلون اليمنيين، ويفجرون منازلهم، ويأسرون رجالهم.
والخلاصة أننا نهنئ محمدا الإمام بهذه الإنجازات العظيمة، ولا ننسى أن نهنّئه، بالمدافعين عنه، ونقول له هنيئًا لك بهؤلاء الأتباع، فلا عليك بعد هذا، افعل ما تريد، وتكلم بما تريد بدون مشاورة للعلماء، ولا تخشى من أي شيء، فعندك جنود مخلصون، سيخرجونك من أي مأزق تقع فيه، وسيهاجمون من ينتقدك بحق ولو كان من العلماء، وسيرمون مخالفيك بأفظع التهم ولو كان صادقًا في انتقاده.
فياويل من اقترب من حرمك الشريف، أو أراد أن يمس جنابك الكريم، فالتهم الظالمة جاهزة، ستفصل له تفصيلا حسب الطلب، فيصبح العفيف فاجرًا، والأمين خائنًا.
فالأفضل لهؤلاء المنتقدين أن يسكتوا، ويوسعوا لك المجال لتتصرف في الدعوة السلفية كما تهوى.
وكل مرة يوقعك الله في شر أعمالك، ونظن أنها ذكرى ليعتبر المتعصبون ويفهموا، ولكن نعوذ بالله من عمى البصائر.
ظهر يوم الثلاثاء / الأول من محرم 1437 هـ
ـــــــــــــــ
[1] ومن المؤسف أن الذي يحتج بذلك هم طلاب علم في معبر وغير معبر، وفات هؤلاء الطلاب أن استتباب الأمر يقال في حق من ينازع الحاكم، ولا يقال في الحاكم الأصلي، فالأصل بقاء حكم الحاكم الأصلي حتى يزول حكمه، وذلك بأن يستتب الأمن في كل البلاد للمنازع.
[2] كانت الخطبة بتاريخ 25 / ربيع أول 1436 هـ الموافق 15 / يناير /2015م. أي: قبل حصار الرئيس عبدربه منصور بخمسة أيام.
[3] وقد توقعت من محمد الإمام أن يهاجم عاصفة الحزم.
[4] وانظر: "الدرر السنية".
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=154939#entry720128
Tidak ada komentar:
Posting Komentar