(مصححة ومزيدة)
تبرئة الإمام الوادعي من طريقة أهل التخذيل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد؛
فقد انتشر -في هذه الأيام- فتوى للعلامة المجدد الشيخ مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- بشأن قتال الرافضة، وهي جواب عن سؤال وجه للشيخ، ونص السؤال:
"هل يجوز الصمت عند سماع سب الصحابة علما أنه إذا نهاه سوف يؤدي إلى مشاكل كبيرة"؟
وهذا رابط هذه الفتوى للإستماع الصوتي:
http://muqbel.net/files/fatwa/muqbel-fatwa528.mp3
ومقصود القوم بنشر هذه الفتوى في هذه الظروف: هو تثبيت الدعوة إلى مسالمة الروافض الحوثيين والإعراض عنهم مهما فعلوا بالمسلمين من القتل والتشريد والتنكيل بهم...الخ.
فأقول: إن الاستدلال بتلك الفتوى للشيخ مقبل وتنزيلها على هذه الأوضاع الجارية هذا من اتباع المتشابه ومن الكذب على العلماء وتفسير كلامهم بغير مرادهم.
فإن فتوى الشيخ مقبل لا يصلح تنزيلها على حال الروافض اليوم، وذلك لثلاثة أمور جلية وردت في الفتوى المذكورة:
الأمر الأول: أن الروافض في وقت فتوى الشيخ مقبل كانوا مسالمين لم يعتدوا على المسلمين بالقتال والبغي، كما هو معلوم.
بخلاف حالهم اليوم، فقد أظهروا المحاربة لجماعة المسلمين والاعتداء عليهم بأبشع أنواع الاعتداء.
والأمر الثاني: أن الروافض في حياة الشيخ -رحمه الله- (وقت صدور تلك الفتوى) كانوا في تقلص وانحسار، وقد ذكر الشيخ في هذه الفتوى أن الناس قد نبذوهم ونفروا منهم، قال -رحمه الله-: "والحمد لله نبشركم أن القبائل بصعدة مستجيبون غاية الاستجابة.... حتى ذهب إخواننا في الله إلى مساجد ووجدوا منهم تجاوبا...الخ".
أما الروافض اليوم فقد فعلوا الأفاعيل بأهل صعدة وغيرهم، بل وتمددوا وانتشروا في البلاد ووجدوا من يمدهم بالسلاح والإعلام والأنصار والأموال، مما يدل على اختلاف الحال والزمان، وذلك من موجبات تغير الفتوى، كما لا يخفى على من شم رائحة العلم.
[والأمر الثالث: أن الروافض -آنذاك- لم يكونوا قد أظهروا كفرياتهم الصريحة، ولم يظهر انتسابهم إلى عقيدة الخميني الإمامية الإثني عشرية إلا في أواخر حياة الشيخ مقبل -رحمه الله-، وهم مع ذلك لم يظهروا الخروج على جماعة المسلمين.
قال الشيخ مقبل -رحمه الله- في الفتوى المذكورة: "والله أنا درست -يا إخواني في الله- في جامع الهادي ثلاث سنين على أهل صعدة -ولو شئت لسميتهم لكم- يكفرون أهل إيران ويقولون : هم روافض ضالون..... ويقرون بأنهم أمة ضالة ، والآن أصبحوا يستنجدون بكتب إيران ، وأصبحوا يستنجدون بأهل إيران" انتهى المقصود من كلام الشيخ(1)].
أما حالهم اليوم فقد أعلنوا الكفريات الصريحة والانتصار للعقيدة الإثني عشرية، وأعلنوا العداء والمحاربة لجماعة المسلمين، وصارت إيران (الكافرة) تمدهم بالسلاح والأموال والإعلام.
ولهذا لما دخل الحوثة إلى صنعاء أعلنت إيران الكافرة أنهم سيطروا على رابع عاصمة عربية!!
فهذه ثلاثة فروق جلية تمنع من تنزيل فتوى الشيخ على حال الرافضة اليوم، وذلك لظهور الخلاف بين رافضة أمس ورافضة اليوم.
وهذه الاختلاف الجلي بين الزمانين والحالين يوجب -لا محالة- ضرورة اختلاف الفتوى، وهذا هو معنى كلام العلماء "الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأزمان".
ثم أقول: إن من الكذب الفاضح أن يستدل هؤلاء القوم بفتوى الشيخ مقبل التي صدرت في وقت مسالمة الروافض وكف شرهم وعدوانهم عن جماعة المسلمين، فإن العلماء قد أجمعوا على وجوب قتال الخوارج والروافض إذا خرجوا على جماعة المسلمين. كما نقل هذا الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (530/28).
وقد قال -رحمه الله- كما في "الفتاوى" (494/28):
"والمقصود هنا أن يتبين أن هؤلاء الطوائف المحاربين لجماعة المسلمين من الرافضة ونحوهم هم شر من الخوارج الذين نص النبي -صلى الله عليه وسلم- على قتالهم، ورغب فيه.
وهذا متفق عليه بين علماء الإسلام العارفين بحقيقته"أ.ه.
فهذا هو إجماع العلماء على وجوب قتال الروافض عند اعتدائهم وخروجهم على جماعة المسلمين.
وأما فتوى الشيخ مقبل ومواقفه المعروفة من الرافضة فإنها كانت عندما كانوا مسالمين كافين شرهم عن المسلمين.
وما جاء عن الشيخ في هذه الفتوى وغيرها في قوله: "لا نستحل دماء الرافضة" فهو ظاهر في أن ذلك عند عدم اعتدائهم على جماعة المسلمين.
وأما عند اعتدائهم وبغيهم فقد ذكر -رحمه الله- في كتابه "الإلحاد الخميني في أرض الحرمين" وجوب قتال الروافض إذا اعتدوا علينا.
فهذا هو موقف الشيخ مقبل -رحمه الله- من قتال الرافضة.
أما هؤلاء القوم فقد نسبوا إلى الشيخ -رحمه الله- أنه لا يرى قتالهم مطلقا، مهما بغوا واعتدوا.
فهل يريدون بذلك أن ينسبوا إلى الشيخ مخالفة إجماع العلماء في قتال الروافض عند اعتدائهم؟!
إنهم بهذا التصرف السيئ قد أساءوا إلى الشيخ مقبل إساءة عظيمة.
والموعد الله.
وكأنهم يقولون: لو كان الشيخ مقبل موجودا اليوم لوافق محمدا الإمام على طريقته في التخذيل عن قتال الرافضة وفي إبرام التعايش والإخاء معهم والدعوة إلى مسالمتهم وهم في أشد البغي والاعتداء على جماعة المسلمين!!
ألا فليتقوا الله فيما يقولون وفيما ينشرون.
وأما ما ورد في فتوى الشيخ من السكوت عن الرافضي إذا سمعته يسب الصحابة؛ فهذا جواب الشيخ عن سؤال السائل، وهو قد قال في سؤاله: "إنه إذا نهاه سيؤدي إلى مشاكل كبيرة" فالشيخ يجيب عن سؤال السائل الذي قد بين الحال، وهذا مع كون الروافض مسالمين.
أما كلمة محمد الإمام عندما قال: "إذا سمعت أحدا يسب الصحابة فكأنك ما سمعته"؛ فهذا في وقت بغيهم واعتدائهم ومحاربتهم لجماعة المسلمين، فشتان بين الحالين!!
ولا فرق بين أن يقول محمد الإمام تلك الكلمة اليوم أو أنه قالها قبل سنتين أو ثلاث؛ فإن هذا هو منهجه الذي يمشي عليه، منذ بدأ عدوان الروافض وخروجهم على جماعة المسلمين.
[ولا ينقضي العجب من هؤلاء القوم الذين يجتهدون في تتبع فتاوى الشيخ مقبل في الرافضة ليستخرجوا منها ما يرونه يخدم طريقتهم، ويوافق أهواءهم!!
ولقد تغافلوا عن عشرات الفتاوى -إن لم تكن المئات- التي فيها فضح لهؤلاء الروافض وفيها تنكيل بهم وهتك لأستارهم، ناهيك عن مؤلفاته وكتاباته المشهورة، ككتاب "صعقة الزلزال لنسف أباطيل الرفض والاعتزال" وكتاب "الإلحاد الخميني في أرض الحرمين" وكتاب "إرشاد ذوي الفطن لإخراج غلاة الرافضة من اليمن".
فهلا نقلوا من هذه الكتب ومن تلك الفتاوى ما فيه فضح وتنكيل بالروافض أعداء الله، وما يقتضي تحريض الناس على عداوتهم والبراءة منهم، وذلك من أجل حماية حمى التوحيد وسد كل طريق يضعف الغيرة على دين الله تعالى.
إن المعهود عنهم أنهم لم ينقلوا من كلام الشيخ إلا ما يرونه موافقا لطريقتهم، ثم إنهم يقومون بتنزيله على واقعهم الأليم (المنع من التصدي لعدوان الروافض، والتهوين من فتنتهم وشرورهم)؟!
يفعلون ذلك ليقنعوا أنفسهم ومن حولهم بأنهم لم يزالوا على طريقة الشيخ مقبل في قضية التعامل مع الرافضة.
وهم -مع ذلك- لا ينظرون في اختلاف الحال والزمان، ولا فيما ترتب على طريقتهم من فساد عقدي ومنهجي!
إنه ليؤسفني أن أقول: لقد صار في القوم صفة بارزة من صفات أهل الأهواء، ألا وهي "الاستدلال بالمتشابه الخفي، والإعراض عن المحكم الواضح الجلي"، وما هذه الفتوى التي استخرجوها واجتهدوا في نشرها على هذا الحال إلا مثال من جملة الأمثلة على اتباعهم للمتشابه.
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم" متفق عليه من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
والشبهات لا نهاية لحلها والجواب عنها، ويكفي اللبيب الفطن أن يتمسك بالأدلة المحكمة الواضحة، وأن يعرض عما خالفها، فإن هذه هي طريقة الراسخين التي ذكرها الله في كتابه].
كتبه:
أحمد بن سليمان بادخن
1438/5/26
_______
(1) واضح من كلام الشيخ -رحمه الله- أن رافضة صعدة بدأ اتصالهم وتأثرهم بالرفض الإيراني الإثني عشري في حياة الشيخ.
وأما كونهم كانوا يتبرأون من رافضة إيران ويكفرونهم؛ فهذا كان في بدء حياة الشيخ العلمية، وقبل قيامه بالدعوة إلى السنة.
هذا هو الصواب وهو ظاهر من صريح فتوى الشيخ، وقد نشرت خلاف هذا خطأ مني، سببه: السهو، فلهذا جرى التصحيح ذلك الخطأ، ولهذا السبب أعدت نشره اليوم (الأحد 1438/5/29).
وقد نبهني على تصحيح هذا الخطأ بعض إخواني الأفاضل -جزاهم الله خيرا-.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar